ليلي هامورتزيادو تعمل في المشروع في جمع الأخبار وتحرير الأحداث الأخيرة. كما أنها كانت ولفترة طويلة تكتب تعليقات أسبوعية موجزة بنظرة أوسع على الحرب، دون إهمال التركيز على الضحايا.

في هذه القطعة الخاصة التي تشير إلى الذكرى العاشرة للغزو، تنظر ليلي إلى تلك المآسي التي أثرت في مشاعرها ومشاعر قرائها في هذه السنوات العشر.

By the same author

Healing the wounds of the past
  18 Jan 2009

Happy New Year
  11 Jan 2009

The sad numbers
  31 Dec 2008

Immunity
  21 Dec 2008

The farewell kiss
  14 Dec 2008

Regrets –he’s had a few…
  7 Dec 2008

Archive

10 سنوات في العراق

يحتوي على صور ومضية

بقلم ليلي هامورتزيادو

لا داعي أن تصلب نفسك على ضفاف شلالات الدم المتدفق من جسدك، لأن الفرات يحمل أسرار روحها عند فجر هزيمة جديدة.

صلاح الحمداني، من كتاب "بغداد حبيبتي"، 25 آذار/مارس 2003

لم يكن هناك سببا يمنع هزيمة صدام حسين بسرعة وبسهولة، فالعراق كان بلدا مقسّما إلى حد كبير دينيا وعرقيا، وكان محطما جراء الحرب وفقيرا نتيجة سنوات من العقوبات الاقتصادية. لقد كان بلدا هشَّا. فدولة ضعيفة يمكن بسهولة تهديدها عسكريا وسياسيا واقتصاديا، هذه الدولة يمكن السيطرة عليها بجهد صغير وقليل من الضحايا. لقد بدأت علملية "الصدمة والرعب" في 19 آذار/مارس 2003. وبدأ قصف بغداد.

جلس الملايين منّا متسمرين أمام شاشات التلفزة نشاهد بصدمة ورعب القنابل والصواريخ وهي تتفجر. جائت التقارير تحمل تحذيرا بأنها تحتوي على "صور ومضية". لقد كان ذلك حقيقيا فعلا، فقد وَمَضَتْ السماء فوق بغداد باللونين البرتقالي والذهبي، وكانت أصوات الحرب تملأ آذاننا. أما على الأرض فلا بد أنها كانت تصم الأذان فعلا. مروعة كانت حكاية الرعب التي بدأت في 19 آذار/مارس 2003 واستمرت لسنوات: الرعب من السماء، الرعب من الأرض، الرعب من الجندي الأجنبي، الرعب من الجار… وأصبحت بدورها حكاية تبريرات وتفسيرات واتهامات. بعد مضي عشر سنوات تستمر الحكاية.

إنه العنف الذي لم يكن بمقدورنا إيقافه – نحن الذين عارضنا الغزو، الذين عارضنا احتلال العراق لتسع سنوات، الذين عارضنا الإرهاب. عندما بدأ المدنيون يتعرضون للقتل يوميا بالمئات، كنا نراقب ونوثق. تم تسجيل مقتل أكثر من 122000 مدني حتى الآن، 4180 منهم أطفال، و 14900 عُرِف بأن قوات التحالف التابعة لنا هي من قتلتهم. هؤلاء المدنيون، كمثل 17 فردا من عائلة واحدة قتلوا في غارة جوية في 4 نيسان/أبريل 2003 (الحادث رقم x093 في قاعدة بيانات المشروع)، طفلان آخران قتلتهم طلقات بندقية ألية عند نقطة تفتيش في 28 أيار/مايو 2003 (x083)، أفراح منعم ذات السبع سنوات التي قتلت بطلق ناري في سوق ببغداد في 10 أيلول/سبتمبر 2003 (صفحة الأفراد في المشروع d4224-sa1478)، شخصان قتلتهما نيران مروحية في 25 حزيران/يونيو 2007 (d3702)؛ شخصان كبيران في السن قتلا في غارة بينما كانا نائمَين على سطح منزلهما في مدينة الصدر في 30 أيار/مايو 2007 (k6583)؛ 17 شخصا قتلوا في غارة أخرى في مدينة الصدر في 21 تشرين الأول/أكتوبر 2007 (k7815)، علي حامد، البالغ من العمر عامان كان بينهم (k7815-su932). مدنيون كعلي حسين ذلك الولد الصغير الذي كان يرتدي سروالا قصيرا بلون برتقالي، مات بمدينة الصدر في غارة في 29 نيسان/أبريل 2008 (k10366)، حيث قتل 30 شخصا؛ أو سعدية صدام التي تلبغ من العمر 8 سنوات، قتلت بطلق ناري بالديوانية في 7 شباط/فبراير 2009 (k12175)… هؤلاء هم أضرار تبعية.

ارتكب القتل فاعلون كُثر ومختلفون عن طريق وسائل متعددة؛ قوات التحالف، المسلحون، الإرهابيون، الجنود الأمريكيون، الجنود البريطانيون، السنة، الشيعة، جلبوا الموت لأبرياء من خلال الضربات الجوية، التفجيرات الإنتحارية، السيارات المفخخة، إطلاق النار، العبوات الناسفة… الضحايا أشخاص من كافة مشارب الحياة: رعاة، عمال تنظيف شوارع، عمال بناء، عناصر شرطة، أطباء، رجال دين، معلمون، صحفيون، سياسيون، تلاميذ مدارس… قتلوا بينما كانوا يمشون، يتسوقون، يعملون، يقودون سياراتهم، ينامون، يبدلون عجلة السيارة…

الدكتور حيدر البعاج قتل بطلق ناري بالبصرة في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2003 (x194-hs132)، هو واحد من 145 طبيب ومسعف قتلوا منذ الغزو. من بين الضحايا الآخرين:

الصور التي حملتها لنا السنوات العشر الماضية تتضمن الأكفان الخشبية، الجثث المكفنة بالأبيض والأسماء – الأجنبية بالنسبة لآذاننا- الوجوه - بعضها مبتسم في صور قديمة- الدم، السيارات المتفجرة… المشتبه بهم – معصوبي الأعين ومكتوفي الأيدي… الأبطال، مثل البائع المتجول البالغ من العمر 18 عاما، المدعو أحمد دريوِل، الذي إلتقط القنبلة وجرى بها بعيدا عن السوق المزدحمة بمدينة الصدر في آذار/مارس 2007 (k5752-xc826)، وهو الشخص الوحيد الذي قتل عندما انفجرت.

يقتل الآلاف من المدنيين كل عام، منذ ليلة "الصور الومضية". وقد بلغ الرعب ذروته في عام 2006 حيث قتل في ذلك العام 29027 شخص بينما كان 2010 العام الأكثر هدوءا حيث قتل فيه 4073 شخص.

في هذه الأثناء، وبينما كان العراق "يتحرر" و "يتحول إلى الديمقراطية" والأنتحابات كانت تجري خلال سنوات الاحتلال، كان القتل مستمرا. وفي كل يوم عندما كنت أقلب الصفحة في مفكرتي وأكتب معطيات جديدة في أعلاها كنت أخاف من العد اليومي، الأسماء والأعمار لأولئك القتلى الجدد… بغداد: 5 بانفجار سيارة… المحمودية: 4 أطفال بافجار عبوة ناسفة… كربلاء: 45 بتفجير انتحاري… محمود مظهر… جنيد محمد خير الله… نورا صباح غدان… عائلة حمزة علي الموسوي …

حكاية الرعب هي حكاية المبررات، حكاية التفسيرات، حكاية الاتهامات. إنها حكاية أسماء ووجوه أولئك الأبرياء. إنها حكاية المغلوب على أمرهم والفقراء، ملايين اللاجئين، الجثث التي يتم العثور عليها وجمعها من شوارع بغداد، المدفونة في مقابر جماعية، مجهولة الهوية، التي لا يطالب بها أحد. نحن أشخاص محظوظون، لقد شاهدنا الرعب من بعيد، عبر شاشات التلفزة، الصحف التي نقرؤها وعلى شاشات حواسبنا. يمكننا أن نشاهد بصدمة ورعب، فبينما كان يتكشف كل شي - يقِلُّ تكرار ذلك شيئا فشيئا الآن- كنّا نحن بمأمن من الصاروخ، ومأمن من السيارات المفخخة، الخطر الوحيد الذي يمكن أن نتعرض له هو تلك "الصور الومضية" التي تؤذي العيون. لهذا السبب تأتي هذه التقارير محذرة منها.